من مزكرات امراءة 2

كتبت فى احدى مزكراتها قائلة(
كنت مليئة به لدرجة ارعبتنى .....لم ادرى كيف استطاع ان يملئنى ....ويفيض نهرا من سعادة فى كل تفاصيل حياتى.......كان وجوده فى حياتى له معنا لم اعرفه ولم اشعر به قبل الان.......كنت اشعر بانى حبلى به....بان النساء يحملن اطفالهن دواخلهن .
..ولكنى كنت احمله هو داخلى........كانت النساء نعانى من اعراض الحمل صباحا ......من قيئ والم بالراس ....وفتور وتعب ....ولكن اعراضى كانت مختلفة تماما......كنت اعانى صباحا من ابتسامة لا اعرف كيف اخفيها .....كان فى احلامى ...يمد يده ليخرج من عيونى ويفتحهما ببطئ......ويرسم تلك الابتسامة على شفتى ....ويهمس فى اذنى هذا يوما جديد.......وصباح جديد.....وامل جديد......ويبقى الامل....
....كانت النساء تتورم ارجلهن .......نتيجة لتغير تركيز الدم.....وكنت انا اثناء حملى بك يتغير تركيزى واحساسى بالحياة.....فتنفخ داخلى المزيد من الاحساس به.....حتى انى اشعر بالرغبة فى حضن كل طفل ......وتقبيل كل ام فى راسها احتراما .......والمسك بيد كل ضعيف ....والاعطاء من عمرى لكل الناس .......كنت نهرا للعطاء ........لانى كنت مليئة به........لم اشعر بان احتاج شيئا من احد .......لانه كان نهر الحب الذى لا ينضب...
...كل ما به ينبئ بانه سيكون داخلى الى الابد....ولذلك كنت استمتع بفترة حملى به الى اقصاها ....لانى متاكدة بانه سيبقى الى الابد ....لم اكن اتسرع لاشعر بحركته الاولى فى بطنى ...ولا رفسته الاولى .....ولا صرخته الاولى للحياة......لانه بداخلى كان طفلا لن تحبل به انثى غيرى ........ولذلك تركت كل اعراض والم الحمل لنساء اخريات .....وكنت انا صاحبة اروع حمل فى العالم.......
ولكن رغم كل ذلك تساويت مع النساء فى الالم ...ذلك الام الذى من اجله وضع الله الجنة تحت اقدام الامهات.........وبدون ان ادرى وجدت نفسى اتعرض لنزيف مبكر....نزيف لم ترعبنى كمية الدماء التى به.فقط...بل لان سببه كان ذلك الطفل الفريد.....كان الطفل الذى قتل امه ....والذى بقر بطنها.....ومد يده الصغيرة ليقتلع قلبها.......كان ثمن كل ذلك ....دماء كلما نظرت الى المراءة اجدها تملئ قلبى .....والم يذهب بى لحدود الظلام ويلقينى .......فلا لمسة امان...ولا كلمة حنان...ولا يبقى الامل الى الان ....ولانى حملت طفلا غريبا كان كل ما به فريدا ....حتى المه ..وفقده.... كان مختلف ......لم اكن اصرخ .....ولم ابكى ...ولم اعض على شفتى الما .....ولم اهتف بكلمات بذيئة .....فقط القيت على طفلى نظرة اخيرة وذهبت.......وراعنى ذلك الخواء فى بطنى ......فات خواء بطنى الصحراء من الشجر........كنت جوفاء .....ارضا جرداء ...
.. وفى لحظة فهمت احساس تلك الام التى لا يمكنها ان تنجب اطفالا .......ووضعت راسى على وسادتى ونمت بعمق.......واستيقظت وانا لا اعنى شيئا للحياة ولا تعنى لى الحياة شيئا......وهكذا مات طفلى داخلى ...ومت انا بعده.....فلا الم .....ولا امل .....ولا حب ولا حياة ....ولا يوم ولا غد...ولا ماء ولا شجر.....فقط اوراق....ونقطة تعنى نهاية مليون فرح واحتفال....وكمية من الصفحات البيضاء ...لرحلة مليون الم واحتمال....ومذكرات كلما داهمهنى ذلك الشوق المرعب ....وجعلنى كالاعمى فى اعماق وظلمات المحيط....كان ملجئى الورق ..... ....ووحده الله يعلم الى متى ستظل تعيش فى ذلك البياض المرعب؟؟
كان الله فى عون عبدا عصف العشق به ولم يزر.....شيئ مثير للشفقة.....اللهم استرنا من جبروت الحب ...ومن جبروت من احببنا.....