Subject: نزيف الادمغة
يقول ريفين برينر الاستاذ في دراسات الاعمال في جامعة ماكجيل الكندية
<<في ظل اقتصاد العولمة سيذهب البشر والأموال الى حيث يمكنهم ان يكونوا
مفيدين ومربحين. ففي كل عام يغادر ما يقدر عددهم بنحو 1,8 مليون من
المتعلمين ذوي المهارات والخبرات العالم الاسلامي الى الغرب. وإذا افترضنا ان
تعليم احد هؤلاء المهاجرين يكلف في المتوسط عشرة آلاف دولار، فإن ذلك
يعني تحويل 18 مليار دولار من الاقطار الاسلامية الى الولايات المتحدة واوروبا
كل عام>>.
وإذا راكمنا هذا المبلغ نظريا على مدى عدة سنوات يصبح مفهوما اكثر لماذا
تزداد الاقطار الغنية غنى والفقيرة فقرا.
ليس الدم وحده الذي ينزف في الوطن العربي بل إننا نعاني من نزيف أعمق
وأخطر وأشد إيلاما، إنه نزيف الادمغة.
ومكمن الخطورة في هذا النزيف القاتل أنه يتم بهدوء من دون ضجيج كالذي يثيره
نزيف الدماء مع أن مفاعيله وآثاره أشد وطأة على مستقبل الوطن العربي وتصيب أضراره كل مواطن عربي ولعدة أجيال. ذلك أن حرمان عجلة التقدم في أي بلد من العقول والادمغة والخبرات اللازمة لتحريكها يترك آثاره السلبية على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والصحية والتربوية... إلخ.
أشار تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية في الوطن العربي للعام 2002 الى أكثر من مليون خبير واختصاصي عربي من حملة الشهادات العليا او الفنيين المهرة مهاجرين ويعملون في الدول المتقدمة ليسهم وجودهم في تقدمها أكثر ويعمق رحيلهم عن الوطن العربي آثار التخلف والارتهان للخبرات الاجنبية.
السير نحو شعلة الحضارة
من المسؤول؟
يُستفز المواطن العربي كثيرا عندما يسمع بأخبار نزيف الدم في أي بلد عربي، لكنه لا يشعر بتاتا بنزيف العقول العربية. بل تراه يسهم به عبر دفع ابنائه المتميزين الى الهجرة لإكمال دراساتهم العليا وبناء مستقبلهم من دون ان يكون لنا الحق في لومه على ذلك. فالمواطن الفرد ليس مسؤولا عن عدم توفر البيئة العلمية المزدهرة في الوطن العربي وإن كان شريكا مع المجتمع ككل الذي يتحمل مسؤولية افتقاد هذه البيئة.
ومن كان حريصا على إيقاف نزيف الدم العربي عليه أن يعمل اولا على إيقاف نزيف الادمغة العربية. إذ لن يتوقف نزيف الدم العربي قبل ان يتوقف نزيف الادمغة العربية، فالامة التي تفرّط بعقولها تهون على اعدائها.
__نايف كريم
كاتب وإعلامي